الأربعاء، 23 يوليو 2014

بيوت الحجر في العُرْضِيّة… شاهد حضاري مميز

1 / 1

عند الحديث عن الحياة العمرانية لأهالي العرضيتين خلال القرنين الماضيين لا بد أن نأتي في البداية إلى المسكن والقرى التي كانوا يعيشون فيها، فمن نظرة سريعة على القرية الواحدة من قرى العرضية يلاحظ: تراكم منازل القرى سواء في العرضية الشمالية أو الجنوبية بحيث تشبه القرية بمجموعها قلعة قائمة بذاتها، بعضها إلى جوار بعض مع وجود ممرات ضيقة جداً توصل بعضها ببعض، وهذا التخطيط في اندماج وتقارب بيوت سكان القرية ربما يكون ناتجاً من الخوف الذي كان يسود الناس، لما كان هناك من سلب ونهب وفوضى وحروب قبلية، ولهذا فأفراد القرية الواحدة، لا بد أن يكونوا متقاربين في مساكنهم حتى يتكاتفوا في صد أي عدو، والعديد من القرى توجد حول (البلاد) الزراعية أو أماكن توفر الماء، وحول الأسواق الأسبوعية، ومن يتجول في محافظة العرضيات اليوم يجد أن الكثير من القرى التي أشرنا إليها لا زال ماثلاً للعيان وقد هجرها أهلها وبنوا لهم دوراً جديدة جل موادها من الخرسانة المسلحة وبالتالي ظهرت القرى الحديثة في نمط عمارتها وصارت تقام جنباً إلى جنب مع القرى القديمة.

وعند الاهتمام بالجوانب العمرانية والحياة الاجتماعية لأهالي العرضيات في الماضي لا بد أن نقوم بالتفصيل عن المساكن وطريقة بناء البيوت وطرق العيش فيها، فقد كانت المنازل تتكون من طابق أو طابقين، وبعض الأعيان والمشايخ والوجهاء يقتنون قصوراً كبيرة

تتكون من عدة أدوار، وطريقة بناء بعض هذه القصور هو باستخدام الأحجار التي يقصها ويجلبها البناء (والمحظّظ) من الجبال، ولا يذكر المعاصرون أو من خلال مشاهداتنا أن طلاء الجُدُر أو (التشييد، أو الخلب، كما يسمونه) في بناء بيوت العرضية كان مستخدماً ولم يستعمل إلا من وقت قريب وخصوصاً الجدران الداخلية، وهناك بعض تلك القصور والبيوت محاطة بسياج من الأسوار لحمايتها من اللصوص والحيوانات المفترسة وكذلك الأعداء في أوقات الحروب، وبالحديث عن البيوت أود أن أشير إلى تقسيمات المنزل الواحد، فعندما يكون قصراً أو بيتاً مكوناً من طابقين يكون هناك أقسام الأسرة، وأجزاء لاستقبال الضيوف وغالباً ما تكون في الطابق العلوي، وأجزاء أخرى لخزن الحبوب ومبيت الحيوانات الأليفة التي كان يقتنيها أهل العرضية مثل الأبقار والحمير والأغنام، ومحلها الطابق السفلي، ومما لفت انتباهي عند التجوال في القرى القديمة سواء في العرضية الجنوبية أو العرضية الشمالية مشاهدة تقارب البيوت في القرية الواحدة وضيق الأزقة الفاصلة بينها، كما أن جميع مواد البناء المستخدمة في إقامة المنازل في بلاد العرضيتين كانت محلية، مثل الحجارة، والطين.

ومن المظاهر الاجتماعية المرتبطة بالحياة العمرانية في بلاد العرضيتين التعاون السائد الذي كان يقدمه الجميع لمن يريد البناء حيث تحدث الأستاذ ابن مستور وقال: (في ذلك الزمن غلبت البساطة ليس فقط على البناء نفسه وإنما على مواد البناء، إلى أن قال: إلى أخشاب وأبواب، وجلب الأحجار بأنواعها اللازمة للبناء، من كبيرة ومتوسطة وصغيرة إلى غير هذا. وعند الانتهاء من بناء الدار يعد صاحب المنزل الجديد وليمة يدعو فيها من ساعده، فيتبارى جميع رجال القرية كل بما تجود به نفسه، وهو بدوره يعدّ هذا المدد ديناً عليه، يسدده لكل واحد منهم عند الاقتضاء، وهكذا تدور عجلة الحياة).

وهناك فئات من سكان بلاد العرضيتين في الماضي لا يستطيعون حتى بناء طابق واحد، وإنما يكتفون ببناء حجرة أو حجرتين كي يسكنوا بها مع أمتعتهم ومواشيهم، و في الماضي أثناء مشاهداتي الشخصية قد رأيت البساطة والطرق البدائية في بناء مساكن تلك الأقوام في العرضية بل كان بعضهم يسكنون تحت الأشجار، وأحياناً يبنون لهم حجرات صغيرة، ومنهم من يصنع من أغصان الأشجار بيوتاً صغيرة كي تؤويهم من حرارة الصيف.

وقد كان لأهالي محافظة العرضيات الأوائل عند بناء منازلهم طرق وعادات في جلب الحجارة الضخمة أو الأشجار الكبيرة، وهو ما يسمونه ب(المعدل) لإقامة واجهات لأبواب البيوت الكبيرة والقصور، أو لإقامة سقوف الدور، فالأخشاب العادية تقوم الجمال بنقلها، ولكن الأخشاب الطويلة جداً والضخمة التي يعجز الجمل عن حملها، بعد قطعها من الجبال والأودية، تقوم كل قرية أو قبيلة باستنفار أفرادها شيباً وشباناً فيحضرون بالعشرات في يوم محدد يتفقون عليه، وقد أحضروا أعمدة من الخشب تسمى (قرايع) ويحمل كل (قريعة) حوالي عشرة أفراد، فإذا كان (المعدل) مستطيلاً، فقد يحمل على عشر (قرايع) وكل (قريعة) بعشرة أفراد، فيصبح المجموع مائة رجل من الأشداء، ثم يحمل المعدل الكبير على القرايع، ويتكاتف الجميع بحمله على أكتافهم ويطلقون الأهازيج الجماعية فيما يسمونه ب (الْرَمَلَه) تنشيطاً لهم، وبث روح الحماس بينهم، ويركب أحد الأفراد على المعدل، حاملاً بيده علماً، ويكرر صرخات التشجيع فيهم، ويمرون في طريقهم بشعاب ضيقة وأودية متعرجة، ويصعدون جبالاً ويهبطون من منحدرات شديدة، ويلاقون العذاب في سبيل تحقيق ما طلب منهم، وفي حدود قريتهم أو قبيلتهم ينتهي دورهم، ليبدأ دور القرية الثانية، حتى ترفع آخر جماعة منهم هذا الحجر الضخم في مكانه إن كان (جباهة) فوق الباب أو مدخل القصر، وإن كان (جيز) يرفع على سقف البناية المراد تسقيفها به مهما كلفهم الجهد، بدون أي مقابل أو أجر، وقد يمر بثلاث أو أربع قرى وهم يتعاملون معه على هذا الأساس بكل طيبة خاطر، بل يرون هذا واجباً تمليه الشهامة والمروءة وحسن الجوار، وهذا ما عُمل في ذلك الحجر الضخم وما يسمى (الجباهة) في قصر الشيخ عبدالله بن مجنّي الذي شُيّد في منتصف الأربعينات الهجرية في قرية مخشوشة ويقع ذلك القصر اليوم جنوب القرية على الطريق العام بمحافظة العرضيات الممتد من المخواة إلى مثلث أبو حسن.

وطريقة تركيب الجباهة يتم على مراحل، حيث يتم رفع (الجباهة) ووضعها للأبواب أو النوافذ أحياناً ثم تطرح الأخشاب خلفها وترص بشكل موازي لها.

و(الجباهة) عبارة عن صخرة ضخمة قد تصل كتلتها في بعض القصور الكبيرة إلى قرابة نصف طن، يقوم الرجال بإحضارها من أماكن بعيدة على ظهور الجمال ولكن أحيانا قد تعجز الجمال عن حملها فيلجأ صاحب المنزل إلى الجماعة فيطلب منهم المعونة فيهبون جميعا ولا يتخلفون، حيث يشترك في حملها ما يقارب الستين رجلاً أحياناً دفعة واحدة بوضعها على ثلاث قطع من الأخشاب القوية والصلبة والتي يصل طول الواحدة منها تقريباً ثمانية أمتار وأحياناً يصعد أحد الرجال على ظهر (الجباهة) والناس يحملونها ويردد بعض العبارات والصيحات ليزيد من حماس الرجال وهكذا يتناوبون على حملها حتى يوصلونها إلى المنزل داخل القرية، أما طريقة رفعها إلى أعلى وتثبيتها على الجدار فتتم بوضع قطعتين من الخشب (البُطن) على الجدار بشكل مائل ثم تربط بالحبال ويصعد مجموعة من الرجال على الجدار لسحبها ومجموعة أخرى يبقون في الأسفل لدفعها وتقليبها على قطعتي الخشب حتى توضع في مكانها، والسبب في كون (الجباهة) ضخمة لكي تتحمل ضغط الحجارة التي توضع عليها لإكمال البناء لأن المسافة من تحتها إلى الأرض تكون فارغة وهي مكان الباب .

هذه طريقة البناء والعمران بالعرضيتين في القرون الماضية وهي متشابهة إلى حد بعيد، أما البداية في إنشاء المنزل فتكون بتسوية الموقع المراد إقامة المنزل عليه، وإذا كان المنزل سيبنى على أرض منبسطة وليست أرضا جبلية، يحفر قرابة نصف متر للجدار الأساسي للمنزل، فتجلب الأحجار الكبيرة من الجبال والأودية فتوضع بشكل منظم في تلك الحفرة التي عملت على شكل خندق، ثم يواصل البناؤون ومن يعمل معهم تشييد الجدر الرئيسة، ويتراوح سمك الجدار من ثمانين سنتيمتراً إلى متر ومترين، وذلك حسب حجم السكن الذي يراد تشييده، وهل يتكون من دور أو دورين، أو أكثر من ذلك ؟ والجدار في الدور الواحد يرتفع حوالي مترين، ويطلق على الجدار بشقيه الداخلي والخارجي وما في داخله اسم [مدماك وجمعه مداميك] وعندما تُشَيّد الجدر الخاصة بالدور الأول يسقف السطح بالأخشاب والتراب.

وطريقة التسقيف تمر ببعض الخطوات، فتجلب الأخشاب الكبيرة من الأودية الخاصة بأهل القرية، وأحياناً من الجبال، وفي الغالب تكون تلك الأخشاب من شجرة السمر وشجرة السدر، ويطلق على الخشبة الواحدة اسم [بطنة وجمعها بُطُن] ويجلب معها أغصان صغيرة الحجم تسمى [جريد ومفردها جريدة] ثم تشذب وتنظف الأخشاب الكبيرة، وتوضع على كل غرفة على أن تكون متصلة من جدار إلى آخر، وحين تكون الغرفة واسعة المساحة، ولا تصل الأخشاب المجلوبة من جدار لآخر، يؤتى بأربع أو خمس خشبات أكبر وأطول وأقوى تسمى في لهجة أهل العرضية [جُوَّز ومفردها جَيْز] وتمد على عرض الغرفة، وبعدها يرتب بقية الخشب، البطن بشكل طولي ومتقابل مع الغرفة التي وضع عليها الجيز على أن يكون أحد أطراف الخشب على جدار الغرفة والطرف الثاني على الجيز ثم يفرش الجريد على البطن، وتغطى ببعض النباتات والشجيرات، كنبات وشجر المَضّ، ثم يغطى السطح كاملاً بالطين، وبسمك فوق الجريد يبلغ الخمسة عشر إلى الثلاثين سنتمتراً، ثم يتم عمل (القترة) وهي فتحة تهوية للمنزل تسمح بخروج الدخان منه أثناء الطبخ، بعدها يغطى السقف بالتراب ثم يتم عمل الميزاب الذي يتم من خلاله تصريف مياه الأمطار من سطح المنزل وبعد ذلك يتم رص الحجارة على محيط السطح حتى لا تنجرف التربة بفعل الأمطار، وعند ذلك يكون الدور الواحد قد اكتمل تعميره، ثم تتبع الطريقة الآنفة الذكر في تشييد الدور الثاني، إذا كان المنزل مكوناً من دورين. وأود أن أنوه هنا عن أسماء الغرف لدى أهالي العرضيات في البيوت الكبيرة والقصور حيث يسمون الغرفة الواحدة في الدور الأرضي (سِفْلْ) والغرفة في الدور الثاني تسمى (عِلْوْ)، ويراعى في مساحات الأبواب والنوافذ صغر الحجم، فلا يستطيع الرجل المتوسط الحجم الدخول من أغلب النوافذ المصممة في المنازل القديمة، كما أن مداخل الأبواب تكون صغيرة، حتى الرجل القصير القامة ربما ينحني عندما يدخل من بعض الأبواب، وإذا كان المنزل الواحد مكون من طابقين ففي الغالب أن نوافذ وأبواب الدور السفلي تكون أصغر من الأبواب والنوافذ التي في الدور العلوي، والسبب في ذلك يعود إلى الخوف من السارق، وأخيراً هناك أدوات كانت تستخدم في بناء تلك المنازل قديماً وهي:

1 - الفانوس

2 - المطرقة (منها الكبير والوسط والصغير).

3 - العتلة.

4 - الزنبيل.

5 - المسحاة.

- عبدالهادي بن مجنِّي

bnmgni@hotmail.com ** ** تويتر @bnmgni

 

  

لغة أهل العُرْضِيّة القديمة وألفاظ بدأت تنقرض في محافظة العرضيات

الأحد 08 رمضان 1435

1 / 1
تحقيق - عبدالهادي بن مجنِّي:

يقول الله تعالى في سورة الروم: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ} (22) سورة الروم.

إن اللهجات التي تنطق بها قبائل العرضية وعسير في الماضي انقرضت ولم يبق منها إلا جزء يسير نحاول أن نتذكر البعض منها هنا، وهي لم تحظ بعناية الدارسين حيث انصرفوا إلى الدراسات الأدبية والتاريخية والاجتماعية ويبدو أن السبب لجفافها الذي يجهد العقل، وهذه اللهجات لها صلة بالتراث القديم لتلك النواحي.

وقد ورد لدى ابن جريس في كتابه (القول المكتوب في تاريخ الجنوب- الجزء السابع) قوله إنه لا يدعي بلوغ غايته في حصر تلك الكلمات حيث حاول رصد الألفاظ التي وردت في كتاب محمد رفيع الموسوم بـ ((في ربوع عسير))، وقد أثنى ابن جريس في مقدمته على محمد رفيع في ضبطه لتلك الألفاظ.

وقد رصدت بعضها فيما يتوافق مع اللهجة القديمة لأهل العرضية ووجدت هذه الألفاظ قد انقرضت والتي كانت دارجة عندهم وهي على النحو التالي:

1- أمْقْعَايد: القعايد. كراس من الشريط في العرضية ورجال ألمع.

2- إنحن: نحن، ويقول محمد بن أحمد بن معبّر انهم يقولون إنحِم.

3- بدايه: وهي النافذة في العرضية والنماص.

4- بَدّيْت: قدّمت. وتأتي أيضاً بَدَيْت بمعنى قَدِمْت.

5- الجَنْبيّة: ويحلّون أهل العرضية وعسير أوساطهم بالجنابي، والجنابي ثلاثة أنواع: نوع يخرج طرفه عن محيط الوسط وينتهي بيت الشفرة منه بكتلة من سيور رفيعة من الجلد ويسمونه (معيرة) ونوع لا يخرج عن محيط الوسط في الغالب، غلافه محلى بالفضة بخلاف المعيرة فإن غلافها مكسي بالجلد دائماً ويسمونه شاميه، ونوع قصير الشفرة معكوف، طرف غلافها إلى الأعلى محلى بالفضة يسمونه قديمي كما يسميه عرب الحجاز كذلك.

6- الجَهَلة: أهل العرضية وأهل درب بني شعبة (الدرب) يطلقون على الأولاد (الجهلة).

7- جَهَمْتُ: ذهبت، على حد تعبير أهل العرضية ورجال ألمع، والجُهمة، بالضم والفتح أول مآخير الليل.

8- حِجل: ويعتدن نساء العرضية ونساء رجال المع في الماضي لبسه في حليهن (التي لا تختلف عن حليّ سكان جبال الحجاز وكلها من الفضة والمعدن) ولبس الخلخال يسمونه (حجل)، وبعضهم مخرق الآناف لتحليتها بأزرار من الفضة يسمونه (الزمام) ورؤوسهن مدثرة بالخُمُرْ.

9- دَوَله أو دَوَلْ: لا خلاف ولا بأس بيننا.

10- الدِّيرة: البلدة أو الناحية أو المنطقة، ويقول ابن معبّر إنهم يقولون الوَطن.

11- الرَّبُوع: الأربعاء . وأهل مكة وسائر سكان الحجاز والعرضية وعسير ومن إليهم يقولون الربوع بدل الأربعاء والثلوث بدل الثلاثاء.

12- الزِّمَام: هو زرار من الفضة لتحلية الأنف.

13- ساق الغراب: يعرفون سلسلة الجبال التي يسكنونها بساق الغراب، ويطلق أهل العرضية وأهل اليمن اسم (ساق الغراب) على سلسلة جبال السروات من اليمن إلى الطائف، والناظر في المصور الجغرافي يرى تطابق الاسم مع شكل هذه السلسلة، كما قال ابن معبّر.

14- سِبْته: يقول ابن معبّر سبته بكسر السين وسكون الباء، ويحتزم النساء على القميص بحزام من الجلد في الغالب مزركش ومُحلى بخيوط ملونه من الجلد يسمونه سبته أو نسعه كما في بعض جهات عسير.

15- سُعَيِّل: ويقولون في العرضية ورجال المع (سُعيّل وسُعيّله) بمعنى صغير وصغيرة، بفتح السين وكسر العين عند بن معبّر.

16- سُكبْ: لعله البابونج كما عند أهل صبيا.

17- شركة: واللحم، في العرضية ورجال ألمع، يباع بالأقسام لا بالميزان ويسمونه (شِركةَ).

18- إمباو: عند أهل العرضية هي كلمة يؤكد بها المتكلم ما يقول.

وفي صحيفة الأهرام المصرية عدد (24184) وتاريخ 30-1-1953م تحت عنوان (في لغتنا العامية) بحث للأستاذ عبدالعزيز مطر، وردت فيه هذه اللهجات في اللغات الأكادية، والمعينية، والسبيئية، والسامية.

19- الطفشة: وعلى رؤوسهن جميعاً في الماضي- نساء العرضية ورجال ألمع- القبعات الخوص التي سبق ذكرها عند الكلام على من يرد منهن السوق ويسمونها طفشه، والطفشات على ثلاثة أنواع: نوع واطي واسع الدائرة صلبها، ونوع طويل واسع الدائرة مع تهدل ولين فيها، ونوع طويل ضيق الدائرة صلبها كأنه برانيط بعض رجال كوريا من إقليم الصين، وقد لاحظت أن الطفشات ذات القبعة الطويلة يتخذنها لابساتها مستودعاً لما لا تترك المرأة مصاحبته كالمشط والمرآة والمكحلة فهي كحقيبة اليد عند المرأة المتحضرة.

20- الطَّمرة: في العرضية ومحايل يسمون الوزرة من النوع الرخيص الثمن (الطمرة).

21- عريش: وبيوت بعض النواحي في تهامة خليط من العشاش والحجر، وتكثر فيها العشاش المستطيلة الهرمية السقوف ويسمونها عريش.

22- عفاك: عافيتك، يقول ابن معبّر تنطق بسكون العين وفتح الفاء.

23- غُرَازَة: في العرضية ورجال ألمع يضعون في وسط الرأس بل على أحد جوانبه لفة من نبات الريحان والبرك، يغرسونها بين الأكاليل والرأس يسمونها غرازة، وتسمى في بعض جهات عسير مُشْقَر.

24- فُوَال: يطلقون في العرضية والدرب على طعام الإفطار كلمة فوال.

25- الغترة أو العمامة: رجال العرضية ورجال أبها يغطون رؤوسهم بالغتر والعقل السوداء وذلك طارئ عليهم، اعتادوا منذُ استيلاء النجديين على هذه البلاد، أما فيما سبق فكانوا حاسري الرؤوس باللمم والجمم.

26- قوطه: الطماطم.

27- كتره: أو قتره وهي المنور والفتحة في السقف، وليست النافذة كما ورد لدى ابن جريس ومحمد رفيع.

28- مِسْفَع: غطاء الرأس للنساء.

29- العِدَاد: أو المعَامِل: أهل العرضية وأهل الدرب يطلقون على المزراع كلمة العداد أو المعامل ويسمونه الركيب، وهو الوحدة الزراعية لقطع الأرض المزدرع كالفدان، إلا أنه كما هو الجاري في الحجاز في الركيب أيضاً لا ضابط لمقاسه فقد يكون كبير أو صغير.

ولا أقول أنني حصرت ألفاظ ولهجات أهل العرضية فهي أكثر من ذلك ولكن هذا ما وجدته في كتب التراث وبعض المصادر التاريخية، فأردت أن أدعم مقالنا بالألفاظ التي وجدتها فقط.

bnmgni@hotmail.com

 

 

انطباعاتي ومشاهداتي عن ماضي العُرْضِيّة

1 / 1

تحقيق - عبدالهادي بن مجنِّي:

رغم أني لا أملك من القرن الماضي إلا رصيد خمسة أعوام فقط، حيث ولدت في عام 1395هـ وليس لدي القدر الكافي من الزمن ليجعل انطباعاتي عن العُرْضِيّة في الماضي ذات قيمة، لكن ملازمتي لوالدي رحمه الله، حيث كان يجيبني بالقليل مما رآه والكثير مما قد سمع، ومجالستي بعد ذلك للعم جابر بن اعلي القرني لفترات طويلة حيث استنزفت كل ما كان يحمله من ذكريات، والعم جابر من مواليد سنة 1327هـ، وهو من الأسماء التي كان لها دور في سير عجلة الحياة في مجتمعه خلال العقود الماضية، وقد تجاوز المائة نسأل الله له حسن الخاتمة، فقد كنت أجتمع معه لغرض الحديث عن عصره، وقد تمتد جلستنا أحياناً إلى أربع أو خمس ساعات أقوم بعدها عند عودتي بتفريغ ما سجّله اللاقط من مشاهداته وانطباعاته على الورق، كانت أكثر الوقائع التي ينقلها لي عن الأوبئة التي كانت تفتك بالناس، وحادثة الموت الجماعي لأهل قريته بسبب المرض الذي حلّ بهم في نهاية العقد الثامن من القرن الماضي، وأسفه لموت خاله ذلك المصاب الجلل.

كانت الخدمات الطبية بمنطقتي في تلك الفترة في حالة انعدام.

أيضاً كان الجوع في الخمسينيات بالعُرْضِيّة هو بطل الرواية في قصص الأجداد، كانت قصص الكبار مكتظة بالمآسي، والسيرة الذاتية للبؤس الذي كان سيد الموقف في حياة إنسان العُرْضِيّة.

وفي مشهد آخر كانت بيوت قرى العُرْضِيّة في الماضي متقاربة تدل على تآلف حميم، وكانوا يتشاركون في كل شيء، قسوة حياتهم هي من جعلت التعاون سائداً بينهم، لم يكن ذلك الجيل يشعر بالقلق كثيراً، فاهتماماتهم كانت تنتهي بغروب شمس ذلك اليوم، في سنواتي الأولى بقريتي التي لم تزل حية في الذاكرة، عندما يحل الظلام لا يمكن التنقل في شوارع القرية، فلم يكن التيار الكهربائي قد وصل بعد، وكان اعتماد الناس على الفانوس أو الأتريك، بعد ذلك بمدة قام ميسوري الحال من الأهالي بشراء مولدات كهربائية تضيء ليلاً فقط، ولم تأت شركة الكهرباء إلا في بداية القرن الحالي.

وصلت طلائع الطّفرة إلى العُرْضِيّات في نهاية التسعينيات الهجرية، وبدأت الأوضاع تتحسن وزاد دخل الفرد، وبدأ إنسان العُرْضِيّة التعايش مع التحول، جاءت الآلات الحديثة وحوّلت الجبال التي لم تكن في الغالب إلا مكاناً للرعي إلى أراضٍ سكنية، بدأ الناس يخرجون من منازل الحجر القديمة إلى البيوت (الشعبي) المبنية بالأسمنت، تحسنت الأوضاع الاقتصادية، وكثر المال في أيدي الناس.

كانت سائر قرى العُرْضِيّة تعاني من الجدب الثقافي وقلة التعليم في بداية القرن الماضي، أما في التسعينيات فقد بدأ الكثير من الناس في تعليم أبنائهم، وانتشرت المدارس.

كثرت السيارات وافتتح المزيد من الطرق، جاءت الشركة الإيطالية (جراند لافوري) على ما أذكر، نعم كان هذا هو اسمها، وشقّت طريق العُرْضِيّات مما أحدث نقلة نوعية في المواصلات في هذه المنطقة الداخلية المنزوية.

التي نالها من الإهمال والنسيان في الماضي، بسبب انزوائها عند سفوح جبال السراوات الغربية، وبعدها لفترة طويلة عن الطرق التجارية الرئيسية التي كانت تربط الحجاز باليمن، ولأن تلك الطرق كانت تأتي محاذية للساحل، والسفوح الغربية التي تأتي العُرْضِيّة في نطاقها لا تتصل بها، بل إن التجار والحجاج والمسافرين يتجنبون العُرْضِيّة لوعورة أرضها، وشدة بأس أهلها وهذا ما سبب انعزالها ونسيانها، كما قال صاحب كتاب القول المكتوب في تاريخ الجنوب.

هذا ما استطعت تذكره من المشاهدات ولعلني في مقال قادم أتذكر أحداث أخرى وقعت في الماضي وأضع لها عنواناً يناسبها.

bnmgni@hotmail.com ** ** ** تويتر@bnmgni