كتب الاستاذ يوسف بن محمد العتيق في صحيفة الجزيرة السعودية اليوم الأحد الرابع عشر من شهر صفر هذا المقال وهو بعنوان (بين سنة الصخونة وسنة ٢٠١١م)
لم يكن الآباء والأجداد يؤرخون السنوات بتاريخ دقيق في كثير من الأحيان بل كانوا يؤرخون بحدث مهم جرى في هذه السنة مثل الجراد والصخونة والسبلة وجراب وسنة الطبعة وغيرها من الأحداث البارزة، وهذا الطريقة في حفظ التاريخ قديمة جدا فكلنا يعرف عام الفيل وهو العام الذي ولد فيه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، ومثله السنة التي سرق فيها الحجر الأسود من الكعبة المشرفة وسنوات أخرى وثقتها كتب التاريخ، وقد يجهل الكثير من الناس التاريخ الرقمي لهذه السنة.
وهنا ألا يحق لي أن أتساءل وأقول لو لم تغب هذه الطريقة في التوثيق للتواريخ عن زمننا هذا، ماذا كنا سنسمي العام المنصرم (2011م)؟؟
لاشك أن الجواب محير، لكني استحضر مقولة ترددت عن أكثر من شخصية بأن العام المنصرم جمع أحداث خمسين عاما بين شهوره الإثني عشر.
فعام 2011م جمع بين دفتيه الربيع العربي وأحداثه المثيرة في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، وكارثة طبيعية عظمى في اليابان ومقتل ابن لادن في الباكستان، ووفاة رمز الكرم سلطان وتقسيم السودان إلى دولتين وغيرها من الأحداث تجعل هذا العام لا ينسى.
وأخيراً حفظ الله لنا وطننا من كل سوء ومكروه وكافة بلاد المسلمين.
السبت، 7 يناير 2012
الأحد، 1 يناير 2012
(شيخ بلدة النبيعة من أعيان بلقرن تهامة ابن عمّار)
مقال منشور عن احد أعلام تهامة شيخ بلدة النبيعة احمد بن محمد بن عمّار وهو احد رجالات الملك عبدالعزيز استطعنا ان نسلط الضوء في هذا المقال على جانب من حياته :
من أعيان تهامة الحجاز، كان يداً لحكومة المؤسس في توطيد الأمن في تهامة العرضية، كما تثبته الوثائق.
لن يغفل التاريخ رجالات بتهامة كان لهم إسهامات وأعمال تخلد ذكرهم، وإذا نال الإهمال وعدم المبالاة سيرتهم الذاتية، والبخل على المؤرخين بوثائق تخص حياتهم، فإن ما تبقى في صدور الرجال الأوفياء عن أولئك لا يكفي، ولكن سوف يحفظ بعض الشيء عن أولئك الأوفياء لدينهم ووطنهم وقادتهم، والذين أثبتوا وجودهم الصادق في ميادين من الصعب حصرها.
إن أعلام وأعيان تهامة الذين كان لهم أدوار ريادية خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجري هم حقيقون وجديرون بأن يفرد لهم (كُتب)، تبيّن لنا الكثير من الجوانب التي كانوا يتمتعون بها ووفاءهم لدينهم ووطنهم وقادتهم وأبناء جلدتهم، ومن أولئك الأعيان من تهامة العرضية الذين لا يتسع المجال هنا لحصر سيرهم أحمد بن محمد بن عمّار شيخ قبيلة بني رزق النبيعة. كانت ولادته تقريباً عام 1301ه، وكان يكنى ب(أبي محمد)، كما كان يناديه شعراء عصره أمثال الشاعر صالح بن خضران والشاعر عبدالله بن لبدان. تتجلى مناقبه وبعض صفاته في مدحهم له في حياته، ورثائهم له بعد وفاته. كان - رحمه الله - جواداً كريماً لم ير معاصروه أكرم منه، وكان - رحمه الله - شجاعاً في الحق، وليس أدل على ذلك من تشبيه الشاعر ابن خضران له بالخيّال والفارس في المعركة العارف بطرق الكر والفر. كان رجلاً محنكاً وأحد دهاة عصره وأحد القلائل في تلك الفترة من تاريخ العرضية.
تولى مشيخة القبيلة في سن مبكرة بعد وفاة والده الشيخ محمد بن عبدالله بن عمّار. واستمر الشيخ أحمد بن محمد شيخاً لقبائل النبيعة نحو أربعة عقود. وعاش أحمد بن محمد طيلة حياته في خدمة القبيلة، وفي كفاح دائم لمحاربة الجهل والظلم.
وإذا كان الوطن يحفل اليوم برجال أوفياء لوطنهم فإن الوطن لن ينسى أبناء مخلصين له في أوقات وظروف عصيبة كان السير فيها على الأقدام في وقدة الشمس المحرقة وعلى الشوك والرمضاء يرسمون أصدق عبارات ولوحات الولاء لدينهم ووطنهم وقادتهم؛ فكان ابن عمّار أحد الرجال الذين اعتمد عليهم الملك عبدالعزيز كثيراً في توطيد الأمن في منطقته، وليس أدل على ذلك من الوثائق والمخاطبات التاريخية التي تمت بينه وبين الملك عبدالعزيز آنذاك، والتي يحثه فيها - رحمه الله - على توطيد الأمن واستتبابه.
كان الشيخ أحمد بن محمد يتصف بنجدة الملهوف، وخير شاهد على ذلك وقوفه مع أبناء قبيلته في الحجاز عندما حلت بهم ضائقة في العيش لم يسلم منها أحد؛ مما اضطر أبناء القبيلة إلى الهجرة بمواشيهم إلى أماكن تجمّع الأمطار؛ حتى سمي ذلك الزمن (زمن أبو هجران). كان أحمد بن محمد يتمتع بالقدرة على توطيد الأمن واستتبابه؛ مما لفت انتباه الأمير فهد بن زعير؛ فكانت لهما عدة مخاطبات تتعلق بالأمن. وشارك - رحمه الله - كأحد القادة وعلى رأس قبائله في مشية عفف وصامطة وغيرهما.
أما وفاته فكانت على أثر حادث مروري تعرض له في مدينة جدة وهو قادم من مقابلة الملك عبدالعزيز في منطقة الرغامة. ولقد كان - رحمه الله - سمحاً وعفواً حتى في وفاته؛ فقبيل وفاته عفا عمن صدمه وصفح عنه. وقد دفن في مقبرة الأسد بمدينة جدة، وكان ذلك في ذي الحجة عام 1371هـ. رحم الله الشيخ أحمد بن محمد، وأسكنه فسيح جناته.
(مصدر هذه الوثائق بحثي الذي بعنوان: عبدالله بن محمد بن مجنّي.. نشأته ومناقبه).
http://archive.al-jazirah.com.sa/2007jaz/sep/16/wo4.htm
كان هذا المقال المنشور ولدينا اضافة بسيطة عن مشيخة هذه البلدة :
(آل عمار ومشيخة النبيعة بني رزق)
لقد تعاقبت المشيخه في اسرة آل عمار منذ زمن بعيد يصل لاكثر من مائتي عام حيث لم نستطع الوصول الى تاريخ محدد لعام تولي هذه الاسره زعامة قبيلة النبيعة ولكن استطعنا من خلال القليل من الوثائق والمقابلات مع بعض المعمرين الى ان نصل الى ان جدّ هذه الأسره هو عبدالله بن عمار الاول وقد عاش في بداية القرن الثالث عشر الهجري وليس بين ايدينا مسوغ صريح يدل على عام ولادته او وفاته، ولما توفى جاء خلفاً له ابنه محمد بن عبدالله بن عمار وقد ذكرت وثيقه قديمه من خلال بيان أسامي مشايخ قبائل قضاء القنفذه في العهد العثماني والذي ذكر منهم شيخ قبيلة بني رزق النبيعه في سنة 1289هـ هو ابن عمار محمد بن عبدالله، وحسب ما وصلنا اليه ان هذا الشيخ المذكور كان من المناوئين للحكم العثماني في منطقته حيث كان له عدة مناوشات مع الاتراك، وبعد وفاته جاء ابنه احمد بن محمد بن عمار وسار في بني رزق النبيعه سيرة حسنه حتى وفاته في سنة 1371هـ اثناء عودته الى دياره في حادث مروري في مدينة جده في آواخر عهد الملك عبدالعزيز، اجتمع نواب وعرايف النبيعه من فورهم ونصبوا عليهم ابنه الاكبر عبدالله بن احمد بن عمار وبعد وفاته خلفه اخاه محمد بن احمد ولكنه لم يلبث طويلاً فقد تنازل لابن اخيه علي بن عبدالله بن عمار ولا يزال حتى يومنا هذا.
كان قد زودنا في وقت سابق ابن عمار الشيخ الحالي لقبيلة النبيعة بجميع الوثائق التي في حوزة اسرته وهي عبارة عن مراسلات بين جده الشيخ احمد بن عمار المتوفي في عام 1371هـ وبين جلالة الملك عبدالعزيز وبعض الأمراء السعوديين حيث بعث احمد بن عمار بكتاب في الـ 3 من جمادى الثاني من عام 1349هـ الى الامام الراحل عبدالعزيز يطلعه على بعض التجاوزات في منطقته ويطلب من جلالته سرعة التدخل لتدارك الوضع الأمني آنذاك فما كان من المؤسس رحمه الله الا ان رد على الشيخ احمد بن عمار بالكتاب التالي:
الرقم 259
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل إلى جناب المكرم احمد بن محمد بن عمار سلمه الله تعالى بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ثم وصلنا كتابكم المؤرخ 3 ج2 1349هـ وما ذكرتم به كان لدينا معلوماً. ولا بد ان ننظر في أمركم كما يجب، ويكون ما فيه الخير انشاء الله وانتم عليكم ان تحرصون على الاستقامه وحسن السيره وعدم التعدي لا من قبل الحكومة و لا الرعية وترانا ما نقبل التعدي ولا نجيزه لا من خاص ولا من عام. يكون معلوماً 28 / 7 / 1349هـ.
يتبين لنا من قراءة هذا الخطاب ما يتمتع به الشيخ احمد بن عمار من رجاحة العقل وسداد الرأي حيث رأى ان يطلع ولي الأمر على اوضاع منطقته قبل ان يقدم على اي فعل ويستخدم القوه فرأى ان يحل هذا الأمر صلحاً، الامر الاخر يبدوا من خطاب الامام عبدالعزيز انه قد اتخذ التدابير اللازمة بمخاطبة ولاته على تلك النواحي بإنهاء الوضع الذي ورد في خطاب ابن عمار او مخاطبة الجهات المذكورة في خطاب ابن عمار بضبط النفس هي ايضاً وعدم التعدي والا لم يكن قال في خطابه للشيخ احمد ان كل ما ورد في كتابه كان على علم به وقد بدأ في الشروع في حل النزاع وإنهاء الخلاف.
ايضاً يتبين لنا ان احمد بن عمار المذكور على علاقة مع الامام عبدالعزيز منذ وصول راية التوحيد الى هذا الجزء من تهامه ذكر لنا احد معاصريه بانه قدم على الامام في الناصريه في وقت سابق لهذه الرساله ايضاً يخبرني احد الذين تقابلت معهم من المعمرين في منطقة بعيدة عن هذا الاقليم عندما سألته عن قدوم والده هو أيضاً لمبايعة الملك عبدالعزيز قال لي كان برفقة والدي الى الرياض شيخ النبيعه ويقال له احمد بن عمّار.
فتح بلاد العرضيتين وضمها للدولة السعودية الاولى
مقالنا في صحيفة الجزيرة كان عنوانه : (العرضيتان والدعوة الاصلاحية) تحدثنا فيه عن بلاد العرضيتين وكيف وصلت اليها الدعوة السلفية وكم ليلة استغرق عامل ابن سعود هناك كي يضمها لبلاده.
شهدت بلاد العرضيتين في الماضي البعيد حضارة قديمة لم يبق منها سوى أطلال وشواهد دالة على قدم تلك الحضارة وكتابات ونقوش متفرقة في بعض أجزاء هنا وهناك، وهذه النقوش التي مررنا بها في كثير من المواضع في بلاد العرضيتين كانت خير شاهد على عراقة تلك المنطقة، ومما أرشدنا إلى ضربها في القدم اللغة التي كتبت بها عندما قام بعض المؤرخين بالوقوف عليها وتحقيقها، وقد كانت تقطن العرضيتين أمم زالت وبادت وحل محلها أقوام آخرون وهذه من سنن الله في الأرض، وعندما زرتها آخر مرة رأيت في موضع بوادي قنونا أنموذجا لتلك النقوش فوقفت على ما كتب على أحد الصخور هناك وكانت لغة الكتابة ضاربة في القدم فقد اتخذ من ذلك الجبل صفحة من أعلاه حتى أسفله وعند ترجمة الجزء الأخير منه كان مفاده (هنا وصل قوم تبع).
أما في العصور المتأخرة فقد استطاع العثمانيون في أول موضع قدم لهم هناك في جنوب جزيرة العرب أن يطردوا البرتغاليين وذلك في بداية القرن العاشر في عهد السلطان العثماني سليمان القانوني، وبعد أكثر مائتي عام تمكن الأتراك من السيطرة على منطقة العرضيتين وما حولها من أبها جنوباً وحتى غامد وزهران شمالاً واستمروا كذلك قرابة نصف قرن من عام 1289 حتى عام 1337هـ ولم نجد للعثمانيين أعمالاً إيجابية واضحة تذكر في منطقة العرضيتين على الرغم من استمرار حكمهم لتلك البلاد قرابة خمسة عقود إلا أنهم كانوا يقومون بتعيين وال في أبها أو في القنفذة أو في مركز المبنى بالعرضية الشمالية كما مربنا في مقال سابق ليرجع مشايخها إليه لجباية الزكاة فقط، مع ترك جميع أجزاء العرضيتين تغرق في الفتن والصراعات القبلية، يقول سليمان شفيق المتصرف الذي كانت بلاد العرضية تتبع له حينما ترجم للسياسة التي كانت تسلكها الدولة العثمانية في المنطقة عموماً وبلاد العرضيتين على نحو خاص (في الواقع أن الدولة لم تصنع شيئاً غير تحصيل الزكاة من الأهالي بين حين وآخر ولم تفكر قط في إيجاد أسباب العمران لإحياء هذه الجهات، ولم تتذرع بشيء من ورائه نفع للأهالي، وليس لها برنامج معين يسير عليه رجالها وموظفوها الذين يأتون إلى هذه البلاد وهم لم يستطيعوا أن يفهموا الأمور التي يحتاج الشعب إليها ولم يدرسوا أسباب ثورة الأهالي وتمردهم على الدولة، ولم يستطيعوا أن يقروا الأمن، بل تركوا الناس وشأنهم يحارب بعضهم بعضاً والحكومة واقفة تتفرج عليهم، وكانت وظيفتها مقصورة على حراسة نفسها في الأماكن التي استولت عليها وأقامت فيها، إن الدولة العثمانية التي احتلت المنطقة منذ أربعين عاماً اكتفت بأن اتخذت لنفسها بضعة مراكز عسكرية، وكانت صلتها بالأهالي مقصورة على قيامها ببعض الحركات العسكرية بين حين وآخر لجباية الزكاة، أما اختلافات الأهالي فيما بينهم فكانت الحكومة في معزل عنها، ويا للأسف فقد كان الناس يرون أنهم لا حكومة لهم، وأنهم مسلوبو الراحة والأمن العام وهم ينتظرون الفرج بعد ظهور رجل مصلح يتولى فيهم أمر الحكم، وكأنه هنا يشير إلى ابن سعود لكون جلالة الإمام الراحل الملك عبدالعزيز في هذا التاريخ قد ظهر، وقد تنبأ سليمان الكمالي في موضع آخر من مذكراته أن ابن سعود سوف يتمكن في يوم ما من لم شتات هذه البلاد).
وقد أورد ابن جريس في كتابه عن المنطقة خلال خمسة قرون أن العرضيتين لكونها منطقة داخلية لم تكن كغيرها من البلدان تحت التبعية الحجازية أو اليمنية وإنما كانت تعيش تحت سيطرة قبائلها وشيوخ تلك البلاد هم أصحاب السلطة المطلقة في جميع شؤونها. حتى وان اتصلوا ببعض القوى السياسية في الحجاز أو اليمن وأضاف أن تلك العلاقة لا تعدوكونها شكلية فقط، وإذا تتبعنا الحكومات التي جاءت فيما بعد نجد أن من ينوي ضم العرضيتين إليه يخطب ود شيوخها أولاً ثم يراسلهم فإن كانت علاقته جيدة بأولئك المشايخ استطاع أن يضمن ولاء تلك القبائل ويضمها تحت نفوذه وهذا كان السائد في بلاد العرضيتين حتى قبيل الدولة السعودية.
أما الدعوة السلفية فقد وصلت إلى جنوب الجزيرة العربية في مطلع القرن الثالث عشر الهجري التاسع عشر الميلادي وبرز أمراء آل المتحمي الذين كان لهم السبق في الذهاب إلى الدرعية ومبايعة قادة الدولة السلفية هناك وعند عودتهم إلى بلاد عسير مدوا نفوذهم إلى العرضيتين وبعض جهات القنفذة ووقع بينهم وبين الجيوش المصرية عدة وقعات استطاع بعدها عبدالوهاب بن عامر المتحمي احد أمراء الدولة السعودية الأولى هناك أن يضم العرضيتين تحت حكم الإمام سعود بن عبدالعزيز.
ومما يعزز ما ذهبت إليه ما ورد لدى العجيلي وابن جريس وبعض المصادر المعاصرة أن عبدالوهاب بن عامر المتحمي في سنة 1218هـ خرج من بلاد عسير ومعه 5000 آلاف مقاتل متجهاً إلى مكة وذلك نجدة للإمام سعود بن عبدالعزيز وكانت طريقه عبر تهامة حتى وصل إلى بلاد العرضيتين التي قاومت وحدث بينه وبين عثمان بن أبي بكر الأمير التي كانت العرضيتين ونواحيها تابعة له عدة مناوشات في بادئ الأمر إلا أن عثمان رفض الدخول تحت حكم الإمام سعود مما دفع عبدالوهاب لمحاربته وبعد حصاره له فر عثمان إلى جزيرة في البحر من جهات حلي ولحق به رجال عبدالوهاب حتى استسلم ودخل في طاعة الدولة السعودية الأولى، وقد أحصى بعض المؤرخين تلك الغزوات فوجدوها ثلاث عشرة غزوة استمرت سبعين ليلة. (وبهذا نود القول أنا وقفنا على أن بلاد العرضيتين انضمت للدولة السعودية الأولى في عام 1218هـ)، بعد ذلك وقعت العرضية بين مد وجزر فبعد أن استمرت تحت نفوذ المتاحمة من عبدالوهاب بن عامر ثم جاء خلفاً له طامي بن شعيب يقول بوركهارت أن هذه البلاد كانت تحت نفوذ طامي من عام 1224 حتى عام 1249هـ- 1809-1813م إلا أن ذلك لم يدم طويلاً.
وبعد زوال إمارة المتاحمة أصبحت بلاد العرضيتين تتأرجح على حسب القوى المسيطرة متذبذبة في تبعيتها للقوى التي تحيط بها جنوباً وشمالاً، فأحياناً تدخل تحت حوزة الأشراف في الحجاز والدولة العثمانية وأحياناً أخرى كانت تنضم لسلطة حكام عسير على حسب النفوذ والقوة وقد أكدت بعض المصادر والوثائق التي بين أيدينا أن العرضيتين انضمت لـ سعيد بن مسلط وظلت طوال عهده تابعة لعسير واستمرت كذلك في عهد علي بن مجثل.
هذا من جانب ومن جانب آخر وقبل كتابة هذا السطور قمت بالبحث في بلاد القنفذة عن وثائق لأدعم بها هذا المقال، ولعل الدارسين ممن سيأتون بعدنا يجدون فيها الفائدة وهذه الوثائق في مضمونها تتحدث عن الحياة الاجتماعية في بلاد العرضيتين في منتصف القرن الماضي وفي زمن الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وعددها قرابة الثلاثين وثيقة نورد منها هنا وثيقتين لبيانات وأسماء أوائل الموظفين في العرضيتين ومقدار ما يتقاضاه كل موظف من راتب بحسب ما ورد في إحداها وقد كتبت بتاريخ شعبان عام 1360هـ وهي تضم أسماء بعض مأموري رسوم أسواق العرضيتين فيقول كاتب هذا النص «أما العاملون في رسوم أسواق العرضية الشامية فهم حسين عبدالواحد مأموراً براتب 397.50 قرشاً وثلاثة حراس آخرون هم : أبو بكر أحمد، واحمد زيلعي، وزيد البركاتي براتب 109.50 قرشاً شهرياً لكل واحد، والوثيقة الأخرى من هذا الملحق مؤرخة في 29-12-1359هـ وتشتمل على أسماء مشايخ وعرايف العرضيتين وما يدفع لهم من رواتب شهرية على النحو التالي:
1 - أحمد بن بيشي شيخ قبيلة بني رزق ثريبان، وراتبه 328 قرشاً ويتبعه في هذه الوثيقة سبعة عرائف هم، محمد بن موسى، وموسى بن حسين، عبدالرحمن بن معيض، ومعيض بن عبدالله، وهادي بن علي، وجابر، وأحمد، وكان يصرف لكل واحد منهم 109.50 قرشاً».
2 - علي بن عبدالله طيب، شيخ شمران، ويتبعه في الوثيقة التي بين أيدينا أربعة عرفاء هم: حسن بن احمد، وابراهيم بن منسن، وصهبان بن عبدالله، وبلغيث بن حمدان بن احمد.
3 - خضران بن جابر شيخ قبيلة بالعريان، وراتبه أيضاً 328 قرشاً ويتبعه سبعة عرائف هم: علي بن يحيى، ورافع بن عبدالله، وسعد بن ضيف الله، وسعيد بن سعد، وعائض بن عباس، وبركات بن حسن، وسالم بن مصلح، وراتب كل عريف 109.50قرشاً.
4 - سعد بن دخيل شيخ بني بحير، ويتبعه أربعة عرائف هم: علي بن زرعة، ومحاي بن عبدالله، والفحسن بن رافع، ودخيل بن عثمان.
5 - سعد بن ضيف الله، شيخ بني المنتشر، ويتبعه أربعة عرائف هم مهشبل، وسعد بن زين بن محمد، وشلوان بن صميد، ومعيض.
6 - منصور الهمَّام شيخ بني سهيم، ويتبعه خمسة عرائف هم : عبدالخالق بن حجر، وعلي بن عطية، وسعيد بن بركات، وحامد بن احمد، واحمد بن مطر.
وقد قمت بأرشفة هذه الوثائق والإشارة إلى موضوع كل وثيقة ثم أوردت تاريخها الذي كتبت فيه.
عبدالهادي بن مجنِّي
bnmgni@hotmail.com
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)